ررياح السموم
تعتبر رياح السموم من أشهر أنواع الرياح التجارية الموسمية في العالم، وتهبُّ على بلدان الجزيرة العربية، بالإضافة إلى أنحاءٍ من الأردن وسوريا وفلسطين، وتثير كمًّا كبيرًا من الرمال والأتربة تتعذر معه الرؤية في كثيرٍ من مناطق المملكة العربية السعودية التي تتلقى الجانب الأكبر من ضربات هذه الرياح.
وتتعرض مصر لنوعيَّةٍ مماثلة النوع من الرياح في فصل الربيع وحتى مطلع فصل الصيف غالبًا، وهي رياح الخماسين، إلا أنَّ رياح السموم أقوى بكثيرٍ من رياح الخمسين التي تهب على مصر، ولكن رياح السموم لا تدوم طويلاً بخلاف الخماسين، التي تستمر ما يقرب من الشهرَيْن، كما أنها تهب من ناحية الجنوب الشرقي في ذات الاتجاه، بينما رياح السموم شمالية غربية.
وفي شبه الجزيرة العربية تؤدي هذه الرياح إلى ظهور حيوان الضب بكثرة مع نشاط الأفاعي والعقارب، وقد تتسبب في إحداث بعض الأعاصير، بسبب الارتفاعات الكبيرة في درجات درجة الحرارة التي تصاحبها؛ مما يؤدي إلى تصاعد بخار المياه بكثرةٍ في أجواء منطقة الخليج العربي، فينتج على إثرها الإعصار الذي يصاحبه نشاط هائل للرياح والأتربة والرمال، مع سقوط الأمطار الغزيرة.
وأكثر ما يميز رياح السموم عمومًا عن غيرها أنها رياح عنيفة حارة تتجاوز درجة حرارتها 54 درجةً مئوية، وهي رياح جافة؛ حيث تصل نسبة الرطوبة في الجو أثناء هبوبها إلى نسبة 10% فقط بالمقارنة بنسبة رطوبة الجو في الأحوال العادية، والتي تصل إلى مستوى 50% وأكثر.
رياح السموم تثير كمية كبيرة من الأتربة مع هبوبها
وتبدأ بنشاط للرياح مع شروق الشمس، ثم تصل لذروتها في فترة الظهيرة، ثم تخف حدتها، وتهدأ مع غروب الشمس.
ولقد عذب الله تعالى أقوامًا سابقة بهذه الرياح، كقوم عاد الذين تباهوا بقوة أجسامهم وعمرانهم الشاهق، ولكن عندما لم يستجيبوا لنبي الله هود (عليه السلام)، والذي دعاهم إلى الإيمان بالله وحده، سلط الله عليهم رياح السموم بعد أن سلط عليهم الجفاف.
فظنوا في البداية أنَّ الرياح التي رأوها مقبلةٌ عليهم بعد طول جفافٍ، فيها البركة والخير، وعندما ذهبوا إليها وجدوا فيها العذاب والدمار، حتى دمرت منازلهم بالكامل، ولم يبق منهم أحدٌ، وظلت هذه الريح مسلطةٌ عليهم مدة سبع ليال وثمانية أيام، فلم تترك شجرًا ولا بشرًا إلا دمرته ولم تشهد البشرية عذابًا مثل هذا من جند من جنود الله، وهي رياح السموم.
وقد جاء ذكرها في أكثر من موضعٍ من القرآن الكريم، ومنها سورة "الأحقاف".. قال تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25)﴾.